مع اقتراب موعد احتضان المغرب لكأس الأمم الأفريقية 2025، لا تقتصر الأنظار على الملاعب والمنتخبات، بل تمتد إلى الورشات الاقتصادية الكبرى التي رافقت التحضيرات، بعدما تحولت البطولة إلى مشروع تنموي شامل ينعش سوق الشغل ويعيد توزيع فرص العمل داخل مختلف القطاعات الحيوية.
يرى الخبير الاقتصادي إدريس عيسوي أن “كان 2025” ليس مجرد حدث رياضي، بل مرحلة استراتيجية يعيد فيها المغرب بناء منظومته الاقتصادية عبر الرياضة، وتأسيس قاعدة صلبة قبل استقبال كأس العالم 2030، مستفيداً من البنيات التحتية الجديدة كمنصات لخلق القيمة والإنتاج.
في قطاع البناء، الذي يشكل حائط الصد الأول ضد البطالة، استدعت أشغال تأهيل تسعة ملاعب دولية ومراكز تدريب مشاركة آلاف العمال والمهنيين المغاربة، من مختلف المستويات. وتم إنجاز هذه المشاريع حصرياً عبر شركات وطنية، ما سمح ببقاء القيمة المالية داخل الدورة الاقتصادية الداخلية، كما منح الشباب تجربة عملية في مشاريع ذات معايير عالمية.
ويؤكد عيسوي أن الرهان الأكبر يكمن في ضمان استمرارية مناصب الشغل بعد انتهاء البطولة، وهو ما يبدو ممكناً بفضل دمج اليد العاملة داخل شركات مغربية قائمة، ستواصل نشاطها مع اقتراب ورش أكبر يتعلق بتنظيم كأس العالم 2030. وبهذا، تتحول الوظائف المؤقتة إلى مسارات مهنية مستدامة.
أما على مستوى السياحة والخدمات، فيتوقع أن تعرف هذه القطاعات انتعاشاً واسعاً خلال البطولة، بفعل استقبال الجماهير والوفود. ويرى الخبير أن هذه المناسبة تشكل فرصة لتطوير مهارات العاملين في الضيافة وفق المعايير الدولية، مما يضيف قيمة دائمة لوظائفهم ويعزز جاذبية المغرب السياحية على المدى الطويل.
ويبرز أن الاستثمار في المهارات الخدمية لا يُعد نشاطاً موسمياً، بل هو تراكم لخبرات تجعل العاملين قادرين على تلبية الطلب السياحي المستمر، بما يضمن لهم دخلاً ثابتاً وفرصاً أكثر استقراراً.
بهذه الدينامية، يتحول “كان 2025” إلى ورش اقتصادي واجتماعي متكامل، حيث تُستثمر الرياضة كأداة تنموية، وتُوظف التحضيرات لخلق فرص شغل مستدامة، وتعزيز القطاعات المنتجة، وإعادة تشكيل المشهد الاقتصادي نحو مرحلة أكثر قوة قبل موعد 2030.