تحركات واسعة لإغلاق مقابر ممتلئة وتوفير بدائل جديدة في مدن المملكة

تحركات واسعة لإغلاق مقابر ممتلئة وتوفير بدائل جديدة في مدن المملكة
جهات

تشهد عدة جهات في المغرب حركية مكثفة لإغلاق مقابر بلغت طاقتها الاستيعابية القصوى، مع تسريع وتيرة إيجاد بدائل جديدة لتلبية الطلب المتزايد على فضاءات الدفن، خاصة في المدن الكبرى التي تعاني من خصاص حاد في العقار المخصص لهذا الغرض.

وتشير معطيات متطابقة إلى أن ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم بجهات الدار البيضاء–سطات والرباط–سلا–القنيطرة والشرق وطنجة تطوان الحسيمة وجّهوا تعليمات مباشرة لرؤساء الجماعات قصد إعداد مقررات جماعية مستعجلة لإغلاق المقابر المكتظة، وعرضها للمصادقة في دورات استثنائية، مع توفير بدائل واضحة عبر إخراج مشاريع سابقة وإنجاز توسعات جديدة.

هذه التحركات تعتمد على محاضر معاينة دقيقة أُنجزت لحصر المساحات الشاغرة في المقابر الحالية، والقدرة الاستيعابية المتبقية فيها، وذلك بالتنسيق بين السلطات الترابية ومصالح الجماعات ومكاتب تدبير المقابر. وتكشف المعطيات أن المقررات المقبلة ستتضمن إجراءات تنظيمية جديدة، تهدف بالأساس إلى الحد من فوضى الدفن والبناء العشوائي وصيانة القبور، وضبط ظاهرة "المتاجرة" في مساحات الدفن.

كما تم توجيه تعليمات بتسوية الوضعية القانونية لعقارات المقابر القديمة التي لم تُستغل منذ أكثر من أربعين عاماً، وهي المدة التي يتيح بعدها القانون إمكانية التصرف في هذه الأراضي. وتأتي هذه الخطوة لحماية تلك العقارات من أطماع لوبيات العقار، خاصة أنها تقع في مواقع استراتيجية وسط أحياء حضرية ذات قيمة عقارية مرتفعة.

وتؤكد المصادر أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دخلت على خط هذا الملف، إذ يجري التنسيق معها لإيجاد صيغ قانونية للتصرف في عقارات المقابر المنتهية مدتها، وتحويلها إلى مشاريع ذات منفعة عامة، بينها بناء مساجد ومكتبات ومراكز ثقافية، بعد استكمال الإجراءات الشرعية والقانونية الضرورية.

في المقابل، توصلت وزارة الداخلية بتقارير مفصلة ترصد الوضع الحالي للمقابر عبر مختلف الجهات، ووقفت على مشكلتين رئيسيتين: نقص مساحات الدفن بشكل حاد، خصوصاً في المدن المتوسطة والكبيرة، ثم الإهمال الذي حوّل عدداً من المقابر إلى فضاءات للجريمة والتشرد وممارسة الشعوذة، في غياب إطار قانوني صارم لحمايتها.

وتحذر هذه التقارير من تصاعد المضاربات داخل المقابر، خاصة في ظل الضغط الكبير على بعضها مثل مقبرة "الغفران" بالدار البيضاء، التي تستقبل أكثر من 60 وفاة يومياً. كما تُلفت إلى الوضعية المتدهورة لمقابر مهجورة ما زالت قبورها ظاهرة بصعوبة وسط الأوساخ والحشائش، بينما تعوق التعقيدات القانونية والدينية عملية تحويل عقاراتها للمشاريع العامة.

وحسب معطيات رسمية قُدمت خلال جلسة برلمانية بحضور وزير الأوقاف أحمد التوفيق، فإن المغرب يحتاج إلى حوالي مائة هكتار سنوياً لدفن موتاه، في وقت امتلأت أغلب المقابر عن آخرها، ما خلق صداماً بين الجماعات المحلية والمنعشين العقاريين حول ندرة العقار المتاح، وسط ضغط اجتماعي متزايد لإيجاد حلول عاجلة وواقعية لهذه المعضلة المتفاقمة.