كشفت المعطيات الرسمية الخاصة ببرنامج التنمية الترابية المندمجة لإقليم العيون عن وجود تحديات هيكلية عميقة تمس قطاعات حيوية تتعلق بالتشغيل والماء والصحة والتعليم، رغم الإمكانات الاستراتيجية التي يتمتع بها الإقليم وما شهده من تطور عمراني واقتصادي في السنوات الأخيرة.
وأبرزت الوثائق أن معدل البطالة في الإقليم بلغ 27%، وهو أعلى من المعدل الوطني المحدد في 21.3%، ما يعكس هشاشة سوق الشغل المحلي ويؤكد ضرورة تعزيز الجهود الرامية إلى خلق فرص عمل جديدة. ويعتمد البرنامج في هذا الجانب على تنشيط القطاع الصناعي واللوجستي، وإنشاء مناطق اقتصادية جديدة، ودعم الأنشطة السياحية، إضافة إلى تطوير الفلاحة عبر تعميم استعمال الطاقة الشمسية في ضخ المياه وتحسين البنيات المرتبطة بالسلاسل الإنتاجية.
كما توقف العرض عند الوضعية الهيدرولوجية الحرجة التي يعيشها الإقليم، حيث تعاني الفرشة المائية لفم الواد من استغلال يفوق قدرتها على التجدد، مسجّلة عجزا سنويا يصل إلى 4.5 مليون متر مكعب. ووفق التوقعات، سيعرف الطلب على المياه ارتفاعا ملحوظا في أفق 2050، ما يستدعي اتخاذ إجراءات استعجالية تشمل رفع مردودية شبكات التوزيع إلى 70% واعتماد إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة بشكل كامل لتخفيف الضغط على الموارد الطبيعية.
وفي المجال الصحي، تم التأكيد على أن الإقليم يعاني من نقص في الموارد البشرية الطبية وضعف استقرار الأطر في أماكن العمل، إلى جانب ارتفاع معدل عدد السكان لكل مؤسسة صحية مقارنة بالمعدل الوطني. ويهدف البرنامج إلى تجاوز هذه الصعوبات من خلال بناء وتأهيل مؤسسات للرعاية الصحية، وتشجيع الأطباء المتعاقدين، ودعم التجهيزات لضمان خدمة صحية أكثر جودة.
أما على مستوى التعليم، فقد بينت المؤشرات أن الإقليم يسجل نسب رسوب مرتفعة في السلك التأهيلي تفوق المعدل الوطني، مع صعوبات في ضمان تكوين تلاميذ مؤهلين بالمستوى المطلوب. ويقترح البرنامج توسيع البنية المدرسية لاستيعاب أعداد أكبر والحد من الاكتظاظ، وتعميم التعليم الأولي، والحد من الانقطاع الدراسي، وتحسين جودة التعلمات عبر دعم المواكبة والبنيات التربوية.
وتعكس هذه التحديات الصورة الواقعية لحاجيات الإقليم، كما تبرز أهمية البرنامج في بناء تنمية ترابية تستجيب لرهانات المستقبل عبر مقاربة تعتمد التكامل بين مختلف القطاعات لضمان تنمية مستدامة ومتوازنة.