
بعد مرور حوالي شهر على مصادقة مجلس الحكومة على مشروع مرسوم يهم تعديل مدونة السير، والذي أُعدّ للتفاعل مع الانتشار المتزايد لوسائل التنقل الحديثة مثل "التروتينيت" والدراجات الكهربائية، لا يزال عدد كبير من مستعملي هذه الوسائل غير ملتزمين بالضوابط الجديدة، في ظل غياب الوعي الكافي، والغموض الذي يلف العقوبات المرتبطة بالمخالفات.
المرسوم الجديد، رقم 2.24.393، يأتي لتحديث وتتميم المرسوم السابق المتعلق بتطبيق أحكام مدونة السير، ويهدف حسب بلاغ للحكومة إلى ضمان قيادة آمنة، مع تبسيط عدد من المساطر الإدارية لدى الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية. وبذلك، وجدت الدراجات الكهربائية و"التروتينيت" لأول مرة مكاناً واضحاً في القانون، بعد سنوات من التواجد غير المؤطر في الفضاء العام.
ووفق ما أوضحته المحامية فاطمة الزهراء التوابي، فإن المرسوم يحدد السرعة القصوى لهذه الوسائل في 25 كيلومتراً في الساعة، مع عدم تجاوز قوة المحرك 250 واط. كما يُشترط أن يتوقف المحرك تلقائياً عند الوقوف، وأن تكون وسيلة النقل مزودة بمقود. ومن الناحية الأمنية، ألزمت النصوص الجديدة مستخدمي هذه الوسائل بتوفير تجهيزات السلامة، مثل الأضواء والمرايا العاكسة والمنبهات الصوتية وعداد المسافة وتجهيزات ضد السرقة.
ورغم هذه الإجراءات التي تهدف لحماية مستعملي الطريق، خصوصاً الفئات الهشة، فإن المرسوم لا يوضح بشكل صريح العقوبات التي ستُطبق في حال خرق هذه القواعد. وهذا ما يطرح تساؤلات جدية حول مدى نجاعة هذا التقنين، خاصة إذا لم يكن هناك إطار ردعي واضح أو حملات توعوية مواكبة لتطبيق المرسوم.
وتُبرز المادة الأولى من المرسوم تعريفات دقيقة لوسائل التنقل الجديدة. فـ"دراجة بدوس مساعد" هي كل دراجة ذات عجلتين على الأقل، مجهزة بمحرك كهربائي لا تتجاوز قوته 250 واط، ينقطع التيار عنه عند توقف الدوس أو عند بلوغ سرعة 25 كلم/ساعة. أما "التروتينيت"، فهي وسيلة تنقل خفيفة بمحرك غير حراري، دون مقعد، ومخصصة لنقل شخص واحد فقط.
وفي الوقت الذي يُعد فيه إدراج هذه الوسائل في مدونة السير خطوة مهمة نحو تنظيم حركة السير في المدن، لا تزال هناك تحديات حقيقية مرتبطة بالتطبيق العملي. فإلى جانب غموض العقوبات، تُطرح أسئلة حول مدى استعداد السلطات لضبط وتنظيم استعمال هذه المركبات، ومدى وعي المواطنين بمسؤولياتهم الجديدة.
إن تقنين "التروتينيت" والدراجات الكهربائية خطوة إيجابية، لكنها تحتاج إلى رؤية متكاملة تشمل التوعية، وضبط العقوبات، وتوفير البنية التحتية اللازمة لضمان سلامة جميع مستعملي الطريق.