في تغيير لافت عن تقديراتها السابقة، توقعت الوكالة الدولية للطاقة أن يستمر الطلب العالمي على النفط والغاز في الارتفاع إلى منتصف هذا القرن، مدفوعًا بتباطؤ التحول نحو الطاقة الخضراء واعتماد عدد من الاقتصادات الكبرى على الوقود الأحفوري. وجاءت هذه التقديرات ضمن سيناريو “السياسات الحالية” الذي أعادت الوكالة اعتماده هذا العام، بعد أن كان قد استُبعد لصالح نماذج تتوقع تسارعًا في تبني الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية.
وتشير التقديرات، وفق ما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال”، إلى ارتفاع الطلب على النفط من 100 مليون برميل يوميًا في 2024 إلى 105 ملايين برميل في 2035، ثم إلى 113 مليون برميل في 2050، مدعومًا بالاستهلاك المتزايد في الصناعات البتروكيميائية وقطاع الطيران. وفي المقابل، يتوقع أن ينخفض الطلب على الفحم مع نهاية العقد الجاري.
أما في سيناريو “السياسات المعلنة”، فتصل ذروة الطلب إلى حوالي 102 مليون برميل يوميًا بحلول 2030 قبل أن يبدأ منحنى الاستهلاك في الهبوط تدريجيًا. ورغم ذلك، يُتوقع أن يستمر الطلب على الغاز الطبيعي في النمو حتى ثلاثينيات القرن، مستفيدًا من الطفرة في مشاريع الغاز الطبيعي المسال وارتفاع الصادرات، خصوصًا من الولايات المتحدة.
وأوضح المدير التنفيذي للوكالة، فاتح بيرول، أن تعدد السيناريوهات يعكس حالة الغموض الاقتصادي والسياسي والتكنولوجي، مشيرًا إلى أن المسار النهائي يعتمد على قرارات الحكومات والشركات والمجتمعات. ويذكر التقرير السنوي “آفاق الطاقة العالمية” أن الأسواق ستحتاج إلى أكثر من 25 مليون برميل يوميًا من مشاريع نفط جديدة بحلول 2035 لضمان التوازن، الأمر الذي قد يتطلب أسعارًا أعلى لتحفيز الاستثمارات.
وفي الوقت نفسه، تواصل مصادر الطاقة المتجددة نموها عبر السيناريوهين، إذ من المتوقع أن تشكل 55% من إنتاج الكهرباء بحلول 2035 في سيناريو “السياسات المعلنة”، بينما يكون النمو أبطأ في سيناريو “السياسات الحالية” بفعل التحديات التقنية وضعف الدعم السياسي.
ورغم هذا التطور، حذرت الوكالة من أن توسع الطاقات المتجددة لن يكون كافيًا لتفادي السيناريو الأسوأ لتغيّر المناخ، إذ يتوقع أن ترتفع درجات الحرارة بنحو 3 درجات مئوية بحلول 2100 وفق نموذج السياسات الحالية، وهو مستوى يفوق بكثير الهدف العالمي للحد من الاحترار عند 1.5 درجة.
كما أبرز التقرير المخاطر المتزايدة المرتبطة بتأمين الكهرباء والمعادن الحيوية للطاقة، خصوصًا في ظل هيمنة الصين على نحو 70% من عمليات تكرير المعادن الأساسية اللازمة للانتقال الطاقي.
واختتم بيرول بالتحذير من أن ضغوط أمن الطاقة باتت تشمل مختلف أنواع الوقود والتقنيات، في وضع غير مسبوق منذ أزمة النفط في 1973، داعيًا إلى تحرك عالمي قادر على الاستجابة لحجم التحدي.