
يحظى قطاع الصيد البحري في المغرب بإشادة واسعة من خبراء وأكاديميين أكدوا أنه قطاع صامد يتمتع بإدارة علمية صارمة، ويشكل ركيزة استراتيجية للاقتصاد الوطني مع آفاق مستقبلية واعدة. ويستند هذا النجاح إلى عمل المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري الذي يعتمد على بيانات دقيقة ويمتلك كفاءات بشرية عالية وبنية تحتية متطورة، تضم سفنًا بحثية ومراكز إقليمية موزعة على طول الساحل المغربي.
الخبير الدولي محمد بادير أوضح أن استدامة المصايد تحتل موقعًا مركزيًا في الأولويات، وأن المغرب ماضٍ في إرساء أسس الاقتصاد الأزرق. وأشار إلى أن التدابير المطبقة، مثل نظام الراحة البيولوجية لمصايد الأخطبوط والأسماك السطحية الصغيرة، وتقسيم مناطق الصيد وتحديد حصص لكل نوع، تضمن استدامة المخزونات وحماية النظم البيئية. كما يتم تعزيز المراقبة عبر الأقمار الصناعية بالتنسيق بين مختلف الأجهزة لمنع الصيد غير القانوني.
ورغم تسجيل بعض المخالفات من قبل قلة من أصحاب السفن، يؤكد بادير أن منظومة المراقبة الصارمة تتيح التعامل معها بفعالية. وأشاد في الوقت نفسه باستراتيجية أليوتيس التي أطلقت عام 2009، حيث ساهمت في تحديث الأسطول وتطوير تربية الأحياء المائية وتنفيذ مخططات لتأهيل المصايد الرئيسية.
كما أبرز الخبير أن قطاع الصيد يوفر 264 ألف وظيفة مباشرة و650 ألف وظيفة غير مباشرة، وله دور أساسي في الأمن الغذائي. وحقق الصادرات بقيمة 28.8 مليار درهم عام 2024، أي ما يمثل حوالي 6 في المائة من مجموع الصادرات الوطنية. ويدعم ذلك وجود 530 وحدة تحويل حديثة، وأسواق سمك عصرية، واعتماد الابتكار لزيادة القيمة المضافة.
الاعتراف الأمريكي الأخير بمطابقة المصايد المغربية للمعايير الصارمة شكّل بدوره قفزة نوعية، تعكس المجهودات الكبيرة في مجال الجودة والرقابة. كما حظي المغرب بإشادة من منظمات دولية مثل منظمة الأغذية والزراعة والهيئة الأوروبية لمصايد الأسماك، مما عزز جاذبية منتجاته في الأسواق العالمية.
في المقابل، لفت بادير إلى أن الأسماك السطحية الصغيرة، مثل السردين والماكريل، تمثل 80 في المائة من المصطادات، وهي شديدة الحساسية للتغيرات المناخية، موصيًا باستخدام التجميد السريع الفردي للحفاظ على جودتها، إلى جانب مشاريع بيئية مثل استبدال أواني الصيد البلاستيكية بأخرى طينية صديقة للبيئة.
الأرقام المسجلة بين 2010 و2023 عكست بدورها التطور الإيجابي، إذ ارتفع الإنتاج من حيث الحجم من 1.14 مليون طن إلى 1.42 مليون طن، ومن حيث القيمة من 6.7 مليارات درهم إلى 15.2 مليار درهم. كما ارتفعت الصادرات من 13.2 مليار درهم إلى 31 مليار درهم.
ويؤكد بادير أن المجهودات المبذولة في تنظيم التسويق عززت مكانة المغرب، حيث تم إنشاء 70 سوقًا للبيع بالجملة، منها 15 من الجيل الجديد، واعتماد الرقمنة في 45 سوقًا لتحسين الشفافية، إلى جانب برنامج لإنجاز أسواق قرب بالتعاون مع الجماعات المحلية. كل هذه الجهود تعكس استراتيجية بعيدة المدى تجعل الصيد البحري قطاعًا حيويًا يساهم بقوة في التنمية الاقتصادية للمملكة.