
لم تكن جروح الشابة إيمان في مدينة تازة مجرد اعتداء فردي عابر، بل تحولت إلى صرخة مجتمعية أعادت إلى الواجهة النقاش المؤلم حول تكرار جرائم العنف ضد النساء ومدى نجاعة القوانين في حمايتهن. فقد استيقظت المدينة على وقع فاجعة إنسانية بعدما هاجمها طليقها بسلاح أبيض، تاركًا على وجهها ويدها ندوبًا غائرة ستلازمها جسديًا ونفسيًا. وبينما نُقلت الضحية إلى المستشفى لتلقي العلاج، فتحت السلطات الأمنية تحقيقًا عاجلًا في القضية تحت إشراف النيابة العامة.
ردود الفعل الحقوقية لم تتأخر، إذ أدانت شبكة الرابطة إنجاد ضد عنف النوع الاعتداء واعتبرته انتهاكًا صارخًا للحقوق الإنسانية للنساء، مطالبة بتكفل طبي ونفسي فوري للضحية ومتابعة المعتدي بأقصى العقوبات. وأكدت منسقة الشبكة، سعاد بنمسعود، أن الصور المنشورة للإصابات تكشف عن حجم الجريمة، مشددة على ضرورة تفعيل القوانين بحزم لتفادي تكرار مثل هذه الوقائع.
في موازاة ذلك، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي موجة تضامن واسعة مع الضحية تحت وسوم مثل #كلنا_إيمان و #لا_للعنف_ضد_النساء. وتداول النشطاء صورها كدليل على بشاعة العنف الأسري، معبرين عن غضبهم من التهاون مع هذه الجرائم ومطالبين بإنزال أقصى العقوبات.
على المستوى القانوني، اعتبرت المحامية نبيلة جلال، عضو فيدرالية رابطة حقوق النساء، أن هذه الحوادث تكشف هشاشة في تفعيل القوانين، مشيرة إلى أن القانون 103-13 يوفر آليات مهمة مثل إنذار المعتدي أو إبعاده وإيواء الضحايا، لكنها غالبًا لا تُطبق بالصرامة المطلوبة. وأضافت أن النساء يُواجهن صعوبات في الإثبات، في وقت ينبغي أن تفتح النيابة العامة تحقيقًا فوريًا وتوفر الحماية بشكل استباقي.
وانتقدت جلال أيضًا ما وصفته بضعف العقوبات الرادعة، حيث تُحفظ شكايات عديدة أو يُدفع نحو الصلح حتى في حالات العنف المثبتة طبيًا، فيما تُصدر أحيانًا أحكام مخففة لا تردع الجناة. كما حذرت من أن إدراج جرائم العنف ضمن خانة العقوبات البديلة قد يؤدي إلى إفلات المعتدين من العقاب، رغم أن خطورة هذا العنف قد تقود بسرعة إلى جرائم مروعة.
القضية فتحت من جديد جرحًا مجتمعيًا عميقًا حول العنف القائم على النوع، وأكدت أن حماية النساء تتطلب أكثر من شعارات، بل إجراءات عملية وصارمة تكفل سلامتهن الجسدية والنفسية، وتجعل القوانين أداة ردع حقيقية لا مجرد نصوص على الورق.