"جيل Z".. بين أزمة الثقة وتكريس ثقافة الاحتجاج في المغرب

"جيل Z".. بين أزمة الثقة وتكريس ثقافة الاحتجاج في المغرب
Trending

موجة الاحتجاجات الشبابية الأخيرة لم تأت بشكل عفوي أو معزول عن السياق العام، بل هي امتداد لمسار طويل من التعبيرات الاحتجاجية في المغرب، بدأ مع حركة 20 فبراير واستمر عبر حراكات الريف وجرادة وزاكورة، مرورا باحتجاجات فئات مهنية مثل الأساتذة وطلبة الطب. هذه السلسلة من الأحداث تعكس تراكم عوامل بنيوية واجتماعية واقتصادية خلقت ثقافة احتجاجية مستمرة.

تستند هذه الاحتجاجات إلى مشروعية واضحة، إذ تعكس ضغوطا معيشية ملموسة: تفشي البطالة، ضعف الخدمات العمومية في مجالات الصحة والتعليم، والشعور المتزايد بانعدام الإنصاف في توزيع الموارد وأولويات الإنفاق العمومي. بالنسبة للشباب، فإن توجيه استثمارات ضخمة نحو مشاريع يعتبرونها رمزية أو كمالية، في مقابل العجز عن تحسين المرافق الحيوية، يمثل فجوة بين احتياجات المجتمع والخيارات التنموية الرسمية.

أحد مظاهر التحول البارزة هو تآكل الثقة في الأحزاب السياسية والنقابات، ما أدى إلى إضعاف دورها كوسطاء بين الدولة والمجتمع. هذا الفراغ دفع الشباب إلى البحث عن فضاءات بديلة للتعبير، حيث تحولت الشوارع والمنصات الرقمية إلى ساحات رئيسية للمشاركة السياسية المباشرة، وصار الاحتجاج نفسه بديلا عن الأشكال المؤسساتية التقليدية للمشاركة.

ما يميز جيل Z هو نشأته في بيئة رقمية مكنت أبناءه من امتلاك قدرة أكبر على التواصل والتعبئة السريعة. غير أن هذا الجيل، رغم استخدامه أدوات مبتكرة، يعيد طرح نفس المطالب الأساسية التي نادت بها الأجيال السابقة: الحق في التعليم، الصحة، والعدالة الاجتماعية. هذا التناقض يعكس أن جوهر الإشكاليات الاجتماعية ما زال قائما، فيما الجديد يقتصر على أساليب التعبير والتنظيم.

أما بخصوص رد فعل السلطات، فإن سياسة المنع والردع، وإن كانت تبدو فعالة على المدى القصير، فإنها تولد شعورا بالإقصاء السياسي وتغذي فقدان الثقة. الحل، وفق العديد من المتابعين، يكمن في فتح قنوات حوار جادة وإعادة النظر في الخيارات التنموية على قاعدة العدالة الاجتماعية، بما يضمن استيعاب مطالب الشباب وإدماجهم في النقاش العمومي.