
في واحدة من أبشع قصص العنف الأسري التي هزت الرأي العام، روت الشابة المغربية إيمان (25 سنة، وأم لطفل) من مدينة تازة، تفاصيل الاعتداء الوحشي الذي تعرضت له على يد طليقها، والذي تركها بوجه مشوه وأزمات نفسية عميقة.
بدأت مأساة إيمان منذ سنوات مع عنف متكرر من المعتدي، انتهى بدخول السجن قبل أن تُخفف عقوبته بعد تنازلها رغبةً في تسوية وضعية ابنها القانونية. لكن العنف لم يتوقف، بل تحول إلى تهديد دائم بالقتل. وفي ليلة الحادث، اقتحم طليقها منزلها واقتادها مع ابنها إلى بيت مهجور، حيث قضت ساعات في الرعب والجوع قبل أن تنهال عليها الضربات.
وفي اليوم الموالي، حاولت تقديم شكاية رسمية مرفقة بشهادة طبية تثبت مدة عجز 19 يوما. غير أن طليقها لاحقها في الشارع العام، ليهاجمها بسكين أمام المارة ووالدتها، مشوها وجهها من الفم إلى الأذنين، ومُحدثا جروحا غائرة بيديها بعد أن حاولت حماية نفسها. تم نقلها على وجه السرعة إلى المستشفى حيث خضعت لعملية جراحية معقدة.
تقول إيمان إن حياتها انقلبت رأسا على عقب: طفلها يرفض النوم بجانبها، والناس يهربون عند رؤيتها، فيما تراودها أفكار انتحارية بسبب تشوه وجهها. وتضيف أنها لا تبحث عن المال، بل عن العدالة والقصاص، وعن علاج يعيد لها ملامحها.
الحادثة سلطت الضوء من جديد على ظاهرة “التشرميل” التي تستهدف النساء بسلاح أبيض بغرض التشويه والإرهاب، وعلى قصور القوانين في توفير الحماية الفعلية للضحايا رغم وجود قانون 103.13 لمحاربة العنف ضد النساء منذ 2018. هذا القانون ينص على عقوبات مشددة تصل إلى عشر سنوات سجنا لمن يتعمد تشويه الغير، خصوصا في إطار علاقة زوجية أو مع سبق الإصرار.
لكن، وبحسب تقارير رسمية، لا تزال التحديات قائمة: بطء المساطر القضائية، الخوف من الوصم الاجتماعي، وضعف آليات الحماية. وتشير إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط إلى أن أكثر من 54% من المغربيات تعرضن لشكل من أشكال العنف، فيما تسجل النيابة العامة سنويا أزيد من 20 ألف قضية عنف ضد النساء.
جمعيات حقوقية تطالب بإجراءات أكثر صرامة، من بينها إحداث خلايا مستعجلة للتدخل في الحالات الخطيرة، وتشديد المراقبة على المعتدين المفرج عنهم الذين يستمرون في تهديد الضحايا.
قصة إيمان، بكل ما تحمله من ألم ودموع، أعادت النقاش بقوة حول مسؤولية الدولة والمجتمع في وقف مسلسل العنف الذي يحصد ضحاياه من النساء في صمت، ويترك ندوبا جسدية ونفسية قد لا تندمل.