
يواجه العديد من خريجي كليات ومعاهد الطب المغاربة في عدد من الدول الأجنبية صعوبات كبيرة عند عودتهم إلى المغرب، بسبب تعقيدات ومعيقات تحول دون معادلة شهاداتهم، رغم حاجة البلاد الماسة إلى الأطباء، في وقت تتزايد فيه هجرة الكفاءات الطبية إلى الخارج.
وتتمثل أبرز العراقيل التي يصطدم بها هؤلاء الأطباء في الإجراءات الإدارية الطويلة والمعقدة، خصوصا ما يتعلق بترجمة عدد كبير من الوثائق المطلوبة، وهو ما يدفع بعضهم إلى البحث عن فرص عمل في بلدان أخرى بدل الانتظار لسنوات داخل المغرب دون جدوى.
وفي هذا السياق، تحدث عبد القادر بريهما، والد أحد خريجي الجامعات الصينية في الطب، عن معاناة ابنه الذي قضى سنة كاملة في البطالة بعد عودته إلى المغرب، بسبب تأخر معادلة شهادته الجامعية. وأوضح أن ابنه ظل عالقا في سلسلة من الإجراءات التي تتطلب إعداد ملف يضم 11 وثيقة رسمية، قد تصل إلى حوالي 100 ورقة، تشمل نسخا من الدبلوم، وكشف النقط، والأطروحة، وغيرها.
وتزداد هذه المعاناة عندما يطلب من الخريجين ترجمة الوثائق إلى العربية أو الفرنسية، رغم كونها محررة باللغة الإنجليزية. وأشار بريهما إلى أن تكلفة ترجمة الورقة الواحدة تتراوح بين 400 و450 درهما، مما يجعل ترجمة الملف الكامل عبئا ماليا ثقيلا يتجاوز أحيانا إمكانيات الأسر.
وأضاف أن هذه العراقيل دفعت ابنه للتفكير في مغادرة البلاد من جديد، معتبرا أن هذا الوضع يفاقم أزمة نقص الأطباء في المستشفيات والمراكز الصحية. واعتبر أن المغرب يعيش مفارقة مؤلمة، إذ يعاني من خصاص كبير في الأطر الطبية، في حين يُترك المئات من الأطباء الشباب، خريجي الجامعات الأجنبية، عالقين في مساطر معقدة تحبط عزيمتهم.
وأشار بريهما إلى أن هؤلاء الأطباء يعودون إلى وطنهم حاملين خبرات ومعارف مهمة، لكنهم يصطدمون بواقع بيروقراطي يجعلهم يشعرون وكأنهم غير مرغوب فيهم داخل منظومة تحتاج إليهم بشدة. وتساءل: كيف يعقل أن تُنفق الأسر المغربية أموالا طائلة لتعليم أبنائها في الخارج، ليعودوا حاملين شهادات مرموقة، ثم تُغلق أمامهم أبواب العمل بسبب عراقيل إدارية؟
وحذر من أن استمرار هذا الوضع يفتح الباب أمام نزيف جديد للأدمغة، حيث يهاجر الأطباء الشباب إلى دول أخرى توفر لهم بيئة عمل مناسبة وتقدّر كفاءاتهم، بينما يخسر المغرب هذه الطاقات التي كان يعول عليها لتقوية قطاعه الصحي.